دخل السياسة كهلا وحين لات شباب ..كان مجبرا على ان يستسلم بالقبول باخراجه من النافذة او يدخل من الباب الى حلبة الاضواء الحارقة وانتزاع رمومت كنترول مقاليد البلاد من عجوز راه على حافة التخريف ..حسم امره بسرعة وجراءة مغامر يتحدى الاقدار.
استخدم كل اساليب الدهاء والمكر ليقلب الوضع الدراماتاكي الذي وجد فيه نفسه كطفل انتزعت منه قسرا احب لعبة اليه، وذلك بهدف ان يعيد تفكيك مكونات المشهد السياسي ويبنيها من جديد على هواه.
كان عليه الان ان ينجح في استخدام البيادق الأساسية بعضها ضد بعض وان يتلاعب بها ليجبرها في النهاية على احترامه كسياسي وهي التي كانت تظن ان السياسة حكرا عليها وهي من تؤثر في مقاليد السلطة، وهكذا جاء بهم طائعين واحدا بعد واحد(ولد داداه ـ صالح ولد حننه ـ مسعود ـ ولد الواقف ـ بيجل..)، وبلغ المشهد ذروته حين اظهر قدرته على التحكم بهم وتوظيف بعضهم ضد البعض ودق اسفين بينهم.
ثم كان عليه ان يجردهم من جميع مظاهر قوتهم ويتركهم مثل شمشون دليلة يواجه قدره كسيرا حسيرا، ..وحينها واجههم وغلبهم في كل نزال، و لاك قوتهم كما تلاك قطعة اللبان وتلفظ حين تصبح بلاطعم!
استخدم استراتيجية الادمان فاغرى بالامتيازات من خصومه من تغريه ليجبره على ان يمشي ورائه طائعا وينتظر الاحسان منه ويقف عن التفكير في ان يعتمد على ذاته.
ثم جاء عليه الوقت الذي توج نفسه ملكا دون لقب فالبيادق الاساسية القديمة (داداده ـ مسعود ـ بيجل ـ ولد مولود ـ ولد بدر الدين ..) بين يديه او بدون حول و قوة ..والبيادق الجديدة (ولد بوعماتو ـ الامام الشافعي ـ الددو ـ بيرام) مجبرة على ان تكون بعيدة عن مدى نيرانه او يطالها سحره القاهر.
وأخيرا جاءت لحظة الاعتزال.. فبعد أن أتم عشر حجج انتقم فيها من جميع معارضيه أراد ان يختم المشهد باللعب على المسرح الدولي كما لم يفعل ذلك من قبله رئيس موريتاني.. كان ذلك امعانا في التشفي من المعمرين ،..وبعد ان انتزع رئاسة الاتحاد الافريقي ..جاء بالرؤساء والملوك العرب والافارقة الى نواكشوط ليراهم هؤلاء معه رئيسا لموريتانيا في مشهد حقيقي وليس مشهد تصوير..ثم ختم تجربته السياسية القصيرة بمشهد مهيب سلم فيه السلطة لصديق امام كاميرات ابرز القنوات والصحف العالمية وبحضور ممثلين عن المجموعة الدولية.. وبذا كانت نهاية قصة التشفي من السياسة والساسة الذين ظنوه او تجارسوا على التعامل معه كولد لا يفقه في السياسة شيئا ليعلمهم منها "ما لا يعلمون".. وليثبت لهم قوة دهاء الارنب على غرور الفيل.
محمد بابا موهدا